أثارت جولة دونالد ترامب في الشرق الأوسط موجة من الجدل، بينما تواجه مصر صدمة جديدة بسبب مطالبته بالسماح للسفن الحربية والتجارية الأمريكية بالمرور المجاني عبر قناة السويس، بحسب ما نقلته أتلانتيك كاونسل. دعا ترامب، عبر منشور على منصته "تروث سوشيال"، إلى منح السفن الأمريكية "حرية المرور دون رسوم" في كلٍّ من قناتي بنما والسويس، وطلب من وزير الخارجية ماركو روبيو التدخل الفوري.
في المقابل، عرض ترامب استمرار الحملة الجوية الأمريكية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، في محاولة لوقف هجماتهم على الشحن في البحر الأحمر، والتي بدأت مع اندلاع الحرب في غزة عام 2023.
وصف المحلل السياسي سعيد صادق هذه التصريحات بأنها "تحوّل في العلاقات الأمريكية المصرية"، مشيرًا إلى أنها في أدنى مستوياتها منذ عقود، وأن الولايات المتحدة انتقلت من دور الممول إلى المطالب بالمقابل.
تسببت الهجمات الحوثية في البحر الأحمر خلال الأشهر الماضية في شلل كبير بحركة الملاحة وتراجع إيرادات قناة السويس بأكثر من 60%. ويهدد إعفاء السفن الأمريكية من الرسوم بخسائر إضافية، خصوصًا في ظل الأزمة الحادة في احتياطي العملة الأجنبية بمصر.
ورغم غياب الرد الرسمي، هاجم إعلاميون ونواب مصريون تصريحات ترامب. مصطفى بكري وصفها بـ"الابتزاز"، واعتبرها انتقامًا من رفض مصر خطته لنقل الفلسطينيين إلى أراضيها، وهي خطة حذرت وزارة الخارجية المصرية من أنها ستقوّض الاستقرار الإقليمي.
أثار ترامب مزيدًا من الغضب حين زعم أن قناة السويس ما كانت لتوجد لولا الولايات المتحدة، وهو ما رفضه أكاديميون مصريون، مؤكدين أن القناة حفرها مصريون بإشراف فرنسي في القرن التاسع عشر، بينما كانت أمريكا خارجة من حربها الأهلية.
يرى صادق أن أحد أسباب الغضب الأمريكي هو رفض مصر الانضمام للحملة الجوية ضد الحوثيين. ربطت القاهرة إنهاء التهديد البحري بوقف إطلاق النار في غزة، وشكّكت في قدرة القصف الأمريكي والبريطاني على ردع الحوثيين. عزز هذا الموقف سقوط صاروخ حوثي قرب مطار بن جوريون في مايو، رغم الحملة العسكرية.
زاد التوتر حين هدد ترامب بقطع المساعدات عن مصر والأردن إذا رفضتا خطته، مما دفع الرئيس السيسي لإلغاء زيارته لواشنطن في فبراير. غياب مصر عن جدول زيارة ترامب للمنطقة – التي تشمل السعودية وقطر والإمارات – أشار إلى تدهور إضافي في العلاقات، خاصة مع حديث تقارير عن نية السعودية منح أمريكا قاعدة عسكرية في جزر تيران وصنافير، ما تعتبره مصر تهديدًا لسيادتها على القناة.
لكن اللواء المتقاعد سمير فرج نفى تلك المزاعم، واعتبرها "مؤامرة من الإخوان"، مؤكدًا أن المفاوضات بين القاهرة وواشنطن ما زالت جارية.
من جهة أخرى، تقاربت مصر مع الصين، إذ أجرت لأول مرة مناورات جوية مشتركة في سماء مصر في أبريل ومايو. اعتبر محللون هذه الخطوة رسالة واضحة لواشنطن بأن القاهرة تملك بدائل، خاصة بعد تراجع أمريكا عن بيع طائرات F-36 المتطورة لمصر، بسبب حرصها على تفوق إسرائيل العسكري.
عرضت هيئة الاستعلامات المصرية مقاطع للطائرات الصينية المشاركة في المناورات، في ما بدا أنه استعراض لتوجه مصر نحو تعزيز قدراتها الدفاعية بعيدًا عن القيود الأمريكية.
مع تصاعد الضغوط الأمريكية، تحرص حكومة السيسي على تجنب المواجهة المباشرة، لكنها تؤكد في الوقت نفسه رفضها للمساس بسيادتها أو مصالحها الاقتصادية. وإن استمر التوتر، فإن الخيارات البديلة لمصر قد تعيد رسم خريطة تحالفاتها العسكرية والاستراتيجية.
https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/choppy-waters-egypts-waning-patience-with-president-trump/